سانت بطرسبورغ في 15 أكتوبر / وام / أكد سعادةُ الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيسُ الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة أنَّ دولةَ الإماراتِ العربية المتحدة برؤيةٍ ثاقبة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” وعبر استراتيجيةٍ طموحةٍ من حكومتِها تُعدُ من الدولِ القادرةِ على تحقيقِ التوازنِ بين القيمِ والأخلاقِ والإرثِ والتطورات المعاصرة .
وقال الدرعي في كلمته خلال مشاركته في القمة الدينية العالمية الأولى التي انطلقت أمس في سانت بطرسبورغ وتستمر حتى 17 أكتوبر الجاري حول موضوع " القيمُ الروحيةُ والأخلاقية في العالم الحديث" بحضورِ كبار الشخصيات الدينية والسياسية وعلماء الدين المشاركين إن دولة الإمارات حققتْ نموذجًا فريدًا وحالةً حضاريةً يمكنُ استلهامُها ففيها تَلتقي الأديانُ والمذاهبُ والثقافات وجميعُ الجنسيات في تناغمٍ وتسامحٍ ووفاقٍ، وتنسجمُ في بُوتَقةِ خدمةِ الوطن ولا نجدُ الدينَ وتعاليمَه مُعرقِلاً للتنمية، مُربِكاً للتقدم والتطور بل جزءٌ مهمٌّ من أدوات التنمية، يعمل على دفعِها ورفعِ اسم الوطن عالياً مشكلا عاملَ قوةٍ وبناءٍ لاستقرار الوطنِ، ورفاهيةِ الإنسانِ، وسلامةِ هذا الكون من أجل مستقبلٍ زاهرٍ مليءٍ بالسلم والسلام، والتواصل والوئام.
وأضاف أنَّ لكلِّ عصرٍ مستجداتِه وطبيعتَه وتحدياتِه، ولكلِّ واقعٍ خصوصياتُه ومميزاتُه، ولكلِّ مجتمعٍ هويتُه وأعرافُه وتقاليدُه، وإن واقعَنا اليوم قد تفاقمتْ تغيُّراتُه، وتنوعتْ مستجداتُه، وتسارعتْ تطوراتُه وخطواتُه، حتى لا يكادُ آخرُها يُدركُ أولَها، ومع إدراك ما يحيط فهم ذلك الواقع ومعاصرتِه من حجبٍ؛ فإنَّ المسألةَ الأخلاقية هي قضيةُ وجودٍ، وجميعُ المقاربات التي تروم الإجابة عنها تؤكدُ بيقينٍ لا مرية فيه أنَّ الدينَ مصدرٌ للقيم فهو أكبرُ باعثٍ لها، ومرسخٌ لوجودها وفقَ ما أكد عليه دينُنا الإسلامي الحنيف وأقرته العديدُ من المدارس الفلسفية.
وأكد أنَّ تعاليمَ ديننا الإسلامي الحنيف؛ بما تزخرُ به من مَخزونٍ حضاريٍّ من القيم العظيمة، والمعاني الجليلة، والمبادئِ الشاملة، قادرةٌ على أن تحميَ إنسانيةَ الإنسان، وتحوطَه من كل ما يخافُه ويحذرُه، ليعيشَ دائماً في سعادةِ وسكينةٍ، وأنَّ تلك القيمَ التي أنتجتْ تلك الحضاراتِ ما زالتْ قائمةً راسخةً، وستبقى مستدامةً فاعلةً، قادرةً على الدوام على ما ينفع البشرية، مشيراً إلى أنَّ تعزيزَ قيم الأديان يحتاج إلى مُمكناتٍ ومعززاتٍ، تتكاملُ مع بعضها، فللتعليمِ دورٌ في ترسيخِه، وللأسرةِ أهميةٌ في رعايتِه، وللأديان والإرثِ الوطني بما تَملكُه من التشريعاتِ والثقافة فاعليةٌ كبرى في الوعي واليقظة بجَسَامته، ويأتي دورُ الدولة الأهمُّ لتحصينِ هذا النهج وحمايتِه من كل فكرٍ يُمزِّق الأوطان، وينشرُ التطرفَ والكراهيةَ والطائفية.
وحث الدرعي على أهمية اللجوءِ إلى قيمِ الأديان الجوهرية؛ مثل قيمِ الاعتدالِ والسلام والتسامحِ والرحمةِ والاحترامِ والحوار والإيمانِ بالتنوع، وتعزيز دورُ الشراكاتِ والتعاونِ بين علماء الأديان من أجلِ التفاهمِ وتحقيقِ غاياتٍ إنسانيةٍ ساميةٍ لتَنحِيَةِ المتطرفين، وقطع الطريق على كل من يريد توظيفَ الدينِ لأهدافٍ أيديولوجيةٍ وإيجادِ ثغراتٍ في جسمِ الدولةِ الوطنية المنيع ووضع برامجَ دينيةٍ وتعليميةٍ وأُسريةٍ واجتماعيةٍ ومستقبليةٍ للوصولِ لهذا الهدف، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي وتوظيفه في الإسهام في تقريبِ وجهاتِ النظر، ومعرفةِ ثقافات الشعوب والعالم وتحقيقِ التعارفِ والتفاهمِ والتواصل وهذا مقصدٌ قرآنيٌّ شريفٌ أكدَ عليه القرآنُ الكريم .
-مع-