عمر الدرعي: التنشئة السوية حجر الزاوية في تحقيق حصانة فكرية للأجيال الحالية والقادمة

أبوظبي في 5 نوفمبر/ وام/ أكد معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة أن الهيئة تولي اهتماماً كبيراً بتعزيز الاعتدال الديني ونشر القيم الإنسانية للدين الإسلامي، وغرس قيم الوسطية والتسامح في المجتمع، تحقيقاً لرؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع متوازن ومتماسك، مشيراً إلى أن الهيئة تبذل جهودها لتأهيل وتطوير الكوادر الدينية المواطنة، وتعزيز قدراتهم المعرفية والفكرية بما يساهم في خدمة الوطن والمجتمع.

وقال معاليه إن تعزيز الأمن الفكري للأجيال الحالية والقادمة يبدأ من التنشئة السوية داخل الأسرة والمدارس والمجتمع، وهو محور رئيسي في جهود الهيئة التي تسعى إلى تعزيز بيئة فكرية وأخلاقية متوازنة ترسخ قيم التسامح والتعايش والاعتدال وتنبذ مظاهر العنف والكراهية.

جاء ذلك خلال جلسة رئيسية تحت عنوان "انسجام القيم والتدين في عالم التحولات"، ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2025، التي تعقد في العاصمة أبوظبي، حيث تناول معالي عمر الدرعي في حديثه عدداً من المحاور من بينها الوعي الديني السليم كحماية فكرية، وأهمية التربية الأخلاقية في زمن الانفتاح، والمحطات الرئيسية في مفهوم الوعي الديني، وسبل بناء فكر هادئ ومتزن في بيئة رقمية صاخبة.

وأكد معالي عمر الدرعي أن التسامح والتعايش والاندماج بين مكونات المجتمع هي قيم ثابتة لدولتنا ومجتمعنا وأهداف إستراتيجية لقيادتنا الرشيدة تعززها بالمبادرات الاستثنائية والبرامج والفعاليات النوعية، مبدياً إعجابه بالتناول العميق لمفهوم الانسجام من كل جوانبه الدينية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية في كتاب "علمتني الحياة" لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، قائلاَ إن سموه أرسى منظومة من المفاهيم الوطنية المحورية التي عزز بها القاموس الوطني لدولة الإمارات، مبيناَ أن مفهوم "الانسجام"، كما أشار إليه صاحب السمو، لم يكن سوى تجسيد فكرة الاتحاد، ومن رحم هذا المصطلح الوطني ولد عنوان هذه المحاضرة "انسجام القيم".

وقال معالي الدكتور عمر الدرعي إن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة تحظى بدعم كبير من القيادة الرشيدة، في إطار حرصها على عكس الوجه الحضاري المشرق للدين الإسلامي، وتعزيز قيمه السمحة ومعانيه السامية وتعاليمه الصحيحة، وترسيخ الوعي الديني السليم لدى المجتمع.

وأكد معاليه أن الوعي الديني السليم يمثل درعاً فكرياً يحصّن الشباب من الخطابات المتشددة والمغلوطة، مؤكداً أن الهيئة تسخر جهودها لنشر ثقافة الاعتدال وتعزيز الخطاب الديني المتوازن بما يعكس روح الإسلام السمحة ويغرس قيم الاحترام والتسامح والمسؤولية الأخلاقية.

وأشار إلى أن تعزيز الوعي الديني يتحقق من خلال القدوة الصالحة في الأسرة والمدرسة، والحوار الهادئ مع الأبناء، وشرح مقاصد الدين وجوهره الإنساني القائم على العدل والتسامح واحترام الآخر، مع ربط القيم الدينية بالحياة اليومية واستخدام الأساليب التربوية والإعلامية الحديثة بما يتوافق مع لغة الجيل الجديد، وتشجيع السلوكيات الإيجابية في بيئة منفتحة.

وأضاف معاليه: "في زمن الانفتاح ووفرة المعلومات، أصبح من الضروري تأهيل الأجيال على التعامل الواعي مع الضغوط الرقمية والمعرفية بوعي وهدوء، وتنمية قدرتهم على التفكير النقدي واتخاذ القرارات الصائبة بعيداً عن التأثر السلبي بالمؤثرات الخارجية، بما يعزز لديهم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ".

وذكر أن التربية الأخلاقية في زمن الانفتاح تمثل ركناً أساسياً في بناء شخصية متوازنة للأجيال، قادرة على مواجهة تحديات العصر والحفاظ على قيمها.

وأشار معالي الدكتور عمر الدرعي إلى أهمية تعليم الأبناء إدارة الوقت الرقمي بشكل متوازن، وغرس الانضباط الذاتي، مع توفير مصادر معلومات موثوقة وآمنة، بما يعزز وعيهم الرقمي ويدعم قدرتهم على مواجهة تحديات العالم الرقمي.

وذكر معالى الدرعي أن مفهوم الوعي الديني يمر بعدة محطات رئيسية تشكل خارطة لبناء وعي معتدل ومتوازن، مؤكدا أن الوعي الصحيح يبدأ من الفهم العميق للمبادئ الدينية، ويتعزز عبر التعليم والممارسة العملية، بما يضمن تعزيز الحصانة الفكرية للشباب.

وأكد معاليه أن المجتمع يضطلع بدور أساسي في خلق بيئة داعمة لصحة الأبناء الفكرية والنفسية، بما يضمن نشأة أجيال واعية ومتوازنة، موضحاً أن ذلك يتطلب تعزيز القيم الأسرية والاجتماعية من خلال الحوار المفتوح بين الأبناء وأولياء الأمور، وتقديم الدعم المتواصل لهم، وغرس القيم الإيجابية، وتنمية المهارات الاجتماعية والقيادية.

كما ذكر معاليه أن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة تسهم بشكل فعال في هذا المجال من خلال برامجها الدينية والتوعوية التي تدعم التنشئة السليمة وتغرس القيم الوسطية والاعتدال الديني، لبناء أجيال قادرة على الحفاظ على قيمها الأصيلة والتعامل بوعي وحكمة مع تحديات العصر.