حوكمة الفضاء واستدامته وأمنه ضمن جلسة نقاشية بأكاديمية أنور قرقاش للدبلوماسية

أبوظبي في 5 نوفمبر/ وام / استضافت أكاديمية أنور قرقاش للدبلوماسية جلسة نقاشية بعنوان: “نبنيه معًا: جسور التعاون في الدبلوماسية والحوكمة الفضائية”، بحضور الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة ومشاركة نخبة من الخبراء والمسؤولين، من بينهم سعادة عمران شرف مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة ، والدكتور حمد محيب، إلى جانب ممثّلين عن شركات ومنظمات دولية عاملة في قطاع الفضاء، منها أوربت وركس. وأدارت الجلسة إيمان تراهم.

ناقشت الجلسة مجموعة من القضايا الراهنة المتعلقة بحوكمة الفضاء واستدامته وأمنه، بما في ذلك إدارة المدار المزدحم، والحد من الحطام الفضائي، وحقوق استغلال الموارد القمرية، وحماية المواقع المدارية الحيوية. كما تناولت أهمية التعاون الدولي لمنع النزاعات بين الدول التي تعتمد على أنظمة الملاحة والأقمار الصناعية في الاتصالات، ومراقبة المناخ، والاستجابة للكوارث.

أكّدت المناقشات تزايد النشاط الفضائي عالميًا بوتيرة سريعة، حيث تم خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 إطلاق أكثر من 1,200 قمر صناعي، بزيادة تقارب 50% عن الفترة نفسها من عام 2024 كما أنّ أكثر من 90 دولة حول العالم تمتلك اليوم قدرات فضائية، وأن الدور المتنامي للشركات الخاصة—التي تمثل نحو 85% من عمليات الإطلاق ذات الصلة—يفرض ديناميكيات جديدة تتطلب مواءمة بين الابتكار والسرعة من جهة، والالتزام بالقوانين والمعاهدات الدولية من جهة أخرى.

سلّط المتحدثون الضوء على الدور الاستراتيجي للإمارات في قيادة الحوار العالمي حول حوكمة الفضاء، وترسيخ الثقافة والمسؤولية والاستدامة والأمن الفضائي.

وأشاروا إلى أنه منذ تأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، عملت الدولة على بناء جسور للتعاون الدولي، وتحديد مبادئ للاستخدامات السلمية للفضاء، وكان من أبرز محطاتها الانضمام عام 2020 إلى اتفاقيات أرتميس التي تبنتها 59 دولة. كما قادت الإمارات جهودًا مهمة ضمن لجنة الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي لتوحيد وجهات النظر المتباينة، وتطوير أطر الاستدامة الفضائية خلال عامي 2022 و2023، رغم حدة التوترات الجيوسياسية عالميًا.

أشارت الجلسة إلى نموذج الإمارات كشريك وسطي متزن يجمع بين القدرات التقنية المتقدمة والنهج الدبلوماسي الفاعل، ويركّز على التطبيقات العملية التي تخدم الأهداف الوطنية وتدعم استقرار النظام الفضائي الدولي، إلى جانب مشاركة نشطة في صياغة القواعد العالمية.

كما أكدت النقاشات على أثر بعثة “مسبار الأمل” بوصفها مشروعًا رئيسيًا تتشارك بياناته مع المجتمع العلمي العالمي، وعلى إسهامات الإمارات في دعم محطة الفضاء الدولية، والمشاركة في بعثات قمرية مستقبلية.

من جانبه، قال سعادة عمران شرف إنّ “التعاون الدولي في استدامة وأمن الفضاء بات ضرورة لا غنى عنها في ظل تنافس عالمي متسارع”، مؤكدًا أنّ جهود الإمارات جعلت من الدبلوماسية الفضائية رافعة لتعزيز العلاقات بين الدول، سواء على مستوى التصنيع الفضائي أو الاستخدامات المدنية.

وقال الدكتور حمد محيب إن “الدبلوماسية الحقيقية تُبنى على الثقة والحق والالتزام”، مشيرًا إلى أنّ تقاطع الابتكار التكنولوجي مع العلاقات الدولية يمثّل نموذجًا يعزّز انتقال الإمارات من مستهلك للتكنولوجيا إلى مزود عالمي لها، مع شبكة عملاء تمتد عبر الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وآسيا، وقدرة سنوية قد تصل إلى تصنيع 50 قمرًا صناعيًا.

واتفق المشاركون على أن النمو السريع في القطاع يفرض تحديات متزايدة في إدارة الحطام، والحفاظ على استدامة المدار، والتنسيق بين الدول لضمان الالتزام بالقوانين والمعاهدات. كما أبرزوا أهمية إعداد جيل جديد من الدبلوماسيين القادرين على مواكبة تقاطع السياسة والتكنولوجيا والحوكمة، مع توقعات بأن يصل حجم الاقتصاد الفضائي العالمي إلى تريليونات الدولارات بحلول 2040، ما يجعل قرارات اليوم حاسمةً في تشكيل مستقبل القطاع.

واختُتمت الجلسة وفق قواعد تشاتام هاوس التي تتيح نقاشًا مفتوحًا وصريحًا حول قضايا النقل والتكنولوجيا والسياسات المرتبطة بالفضاء.