دبي في 3 أكتوبر/ وام / تناولت جلسات اليوم الثاني من الدورة العاشرة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر مجموعة من الموضوعات المتعلقة بمجالات الاستدامة والاقتصاد الأخضر، مسلطة الضوء على أهم التطورات في الطاقة النظيفة والتمويل المناخي وجهود إزالة الكربون والاقتصاد الدائري.
وعُقدت القمة تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” ونظَّمها كلٌّ من المجلس الأعلى للطاقة في دبي، وهيئة كهرباء ومياه دبي، والمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر.
وحملت القمة هذا العام شعار "تمكين الجهود العالمية: تهيئة الفرص ودفع عجلة التطور"، وشهدت مشاركة واسعةً من ممثِّلي الحكومات والخبراء والمتحدثين وقادة القطاع الخاص من مختلف أنحاء العالم.
وانطلقت أعمال اليوم الثاني من القمة بجلسة حوارية بعنوان "الحاجة إلى مضاعفة الإنتاج الزراعي بحلول عام 2050: كيف نلبي الحاجات الزراعية العالمية المتزايدة"، والتي تطرَّقت إلى الاستراتيجيات والتقنيات المبتكرة التي تضمن مواكبة الطلب العالمي المتزايد على الإنتاج الزراعي مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات البيئية الحالية.
وشدَّد المتحدثون على ضرورة زيادة إنتاج الغذاء لمواكبة النمو السكاني، مؤكدين ضرورة التركيز على تعزيز التغذية والجودة والحد من الهدر.
وتلا هذه الجلسة حوارٌ حول المنهجيات الفعالة لتبني مبادئ الاقتصاد الدائري واستراتيجيات الحد من الهدر في القطاعات المختلفة خلال جلسة "تكامل الاقتصاد الدائري وتطبيق استراتيجية الحد من الهدر"، وأكَّد المتحدثون خلالها الحاجة إلى وضع سياسات تشجع ممارسات إعادة الاستخدام وإعادة التدوير بما يتواءم مع توافر الموارد والظروف الاجتماعية الخاصة بكل دولة، بهدف بناء اقتصاد عالمي يقلل من النفايات في جميع القطاعات، بما في ذلك البناء والزراعة والنقل، واعتماد النماذج الدائرية الجديدة عوضاً عن النماذج الخطية التي تعدُّ مكلفة وتنتج كميات كبيرة من الكربون.
وضمن جلسة "تداول أرصدة الكربون: حساب الانبعاثات الكربونية وبناء سوق لأرصدة الكربون"، أشار المتحدثون إلى الحاجة إلى تبسيط عمليات أرصدة الكربون، وتحقيق التوازن بين التحقق والمراقبة الدقيقة وتطوير المشاريع بشكل أسرع لدفع عجلة العمل المناخي العالمي، كما تطرقوا إلى التحديات والفرص المتاحة للأسواق التطوعية والمُنظَّمة، موضَّحين الحلول المبتكرة التي يتم تطبيقها في دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها.
وسلط المتحدثون الضوء على الخطوات التي اتخذتها الإمارات مؤخراً، بما في ذلك قرار مجلس الوزراء رقم 67 بشأن السجل الوطني لأرصدة الكربون والمرسوم بقانون اتحادي رقم 11 بشأن الحد من تأثيرات التغير المناخي، والتي تحدد المبادئ التوجيهية للتعامل مع أرصدة الكربون وتعكس تزايد مشاركة دولة الإمارات في أسواق الكربون.
ودعا المتحدثون إلى تحقيق تقدم أسرع في الأطر التنظيمية وزيادة الاستثمار في مشاريع الحد من الكربون على مستوى العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وخلال جلسة "تمويل التقنيات النظيفة" سلط الخبراء الضوء على ضرورة تعزيز التمويل الأخضر وتشجيع الاستثمارات لتسريع تطوير واعتماد التقنيات النظيفة.
وتناولت جلسة بعنوان "التشريعات الخاصة بتسعير الكربون وتداول الانبعاثات: دور الحكومات والإطار التنظيمي في دفع عجلة الاقتصاد منخفض الكربون" أهمية استراتيجيات إزالة الكربون الخاصة بكل قطاع والتي تراعي ظروف كل منطقة وتتواءم مع مصادر الانبعاثات وسلاسل القيمة.
وركَّزت جلسة حوارية بعنوان "فرص نمو تبني تطورات الطاقة النظيفة وزيادة دمج الطاقة النظيفة" على فرص تطوير حلول الطاقة النظيفة ودمجها في البنى التحتية الحالية لتسريع انتقال الطاقة العالمي.
وأكَّد سعادة أحمد محمد الكعبي أن دولة الإمارات تقود جهود التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضاف أن الإمارات قامت بتحديث استراتيجية الطاقة 2050، لتشمل التزامها بمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات وزيادة حصة الطاقة الخضراء إلى 30% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، ويشمل ذلك استثمار ما يصل إلى 54 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل قدرة الطاقة النظيفة إلى 19.8 جيجاوات بحلول عام 2030.
وأشار المتحدثون إلى أن زخم سياسات الطاقة المتجددة بلغ ذروته في مؤتمر الأطراف COP28 من خلال اتفاق الإمارات التاريخي وتعهد الدول بزيادة إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، حيث قدَّم الاتفاق نتائج وجدولاً زمنياً واضحين.
وأضاف المتحدثون أنه على الرغم من ارتفاع إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 14% سنوياً وحرص الحكومات على وضع السياسات الداعمة، فإن التحديات لا تزال قائمة، وتشمل تراجع أداء بعض القطاعات في هذا المجال، والحاجة إلى التقدم التقني القادر على مواكبة الصناعات التي يصعب التخفيف من انبعاثاتها.
وأشاروا إلى أهمية حشد المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة المتجددة، كبناء خطوط أنابيب الهيدروجين، وأوضحوا أن الحل الرئيسي لهذه التحديات يكمن في التعاون الدولي واسع النطاق الذي يضمن إشراك جميع القطاعات والمعنيين ويعزز العمل المشترك والمتزامن.
وتابعت القمة أعمال يومها الثاني بجلسة حوارية حملت عنوان "الحد من انبعاثات النظام الغذائي المسؤول عن أكثر من ثلث انبعاثات غازات الدفيئة في العالم"، حيث أكد المتحدثون خلال الجلسة مدى تأثير النظام الغذائي في الانبعاثات العالمية، إذ يمثل 33-34% من الانبعاثات، مشددين على الحاجة الملحة لاتخاذ الخطوات لإصلاح ذلك.
ومنحت القمة الشباب منبراً خاصاً لإيصال أصواتهم ومشاركة آرائهم في مجال العمل المناخي والانتقال الأخضر من خلال جلسة "الدور المحوري للشباب في صنع المستقبل المستدام".
وأكد المتحدثون خلال الجلسة أن إشراك الشباب بطرق هادفة، خاصة في الأدوار القيادية ضمن الحكومات والقطاع الخاص، عامل أساسي للعمل المناخي الفعال، وسلَّطوا الضوء على النموذج الرائد الذي قدمته دولة الإمارات في تمكين الشباب.
وشارك في جلسة "دور تبريد المناطق وإعادة تأهيل المباني وغيرها من المنهجيات في تعزيز كفاءة الطاقة" كلٌّ من سعادة أحمد بطي المحيربي، الأمين العام للمجلس الأعلى للطاقة في دبي، وسعادة أحمد بن شعفار، الرئيس التنفيذي لـ"إمباور"، والدكتور وليد النعيمي، الرئيس التنفيذي، شركة الاتحاد لخدمات الطاقة “اتحاد إسكو”، وحسن يونس، المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك، شركة “جريفين”، وديبثي كامنيري، المدير الإقليمي لتطوير السوق في "جي بي سي آي" الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأكد سعادة أحمد بطي المحيربي أن كفاءة الطاقة من أهم أولويات الإمارات التي تواصل مسيرة تحولها الأخضر من خلال توظيف الطاقة النظيفة والسياسات الداعمة والتنفيذ الفعال.
وسلط سعادته الضوء على استراتيجية إدارة الطلب على الطاقة في دبي ونظام المباني الخضراء ومبادرات إعادة تأهيل المباني، مشيراً إلى أن دبي حققت وفورات بقيمة 15 مليون دولار بين عامي 2010 و2023، مع خفض بنسبة 17% في الطاقة وحوالي 12.5% في المياه وتعد هذه الاستراتيجيات أساسية لتحقيق أهداف إزالة الكربون وتوفير الاستهلاك بنسبة 30% بحلول عام 2030 و50% بحلول عام 2050، ما يعزز مسيرة دولة الإمارات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وذكر سعادة أحمد بن شعفار أن دبي تحتل مكانة رائدة على مستوى المنطقة في مجال كفاءة استخدام الطاقة، حيث تساهم تقنية تبريد المناطق في خفض استخدام طاقة التبريد في المساكن من 70% إلى 35%.
وأضاف أن تبريد المناطق قادر على التكيف مع المباني القديمة والحديثة على حد سواء، وقد ساهم في بناء مفهوم جديد للمؤسسات الخدمية وتوفير فرص عمل جديدة.
من جانبه، أكد الدكتور وليد النعيمي أن تبريد المناطق يعد الحل الأمثل للتبريد، إذ ينطوي عن حلول توفير الطاقة قابلة للتخصيص وملائمة للمباني القديمة، مشدداً على أهمية الحفاظ على كفاءة الطاقة من خلال المتابعة الآنية والصيانة التشغيلية.
علاوةً على ذلك، سلط حسن يونس الضوء على التقدم الذي حققته الإمارات في مجال كفاءة استخدام الطاقة، خاصة في مجال تقنية تبريد المناطق، والتي تقلل من البصمة الكربونية بنسبة 50% في المباني القديمة، مضيفاً أنه من المهم أن يتعلم القطاع الخاص من تجارب الحكومة في هذا المجال.
وسلطت ديبثي كامنيري الضوء على ريادة دولة الإمارات في التبني المبكر لمعايير القياس العالمية مثل الريادة في الطاقة والتصميم البيئي “LEED”، مشيرة إلى أن القطاع السكني يمثل 40% من انبعاثات الكربون العالمية ويستهلك 36% من الطاقة العالمية.
واختتمت القمة أعمال يومها الثاني بالحديث عن أهمية تبني المستهلكين الممارسات الدائرية في إنفاقهم واستهلاكهم لتعزيز الاستدامة والحدِّ من الهدر، وذلك ضمن جلسة حملت عنوان "الإنفاق الاستهلاكي وأهمية السلوكيات بوصفها دعامة رئيسية للاقتصاد الدائري"، حيث ناقشت الجلسة سبل الموازنة بين الاستدامة والتكلفة، مع التركيز على دور البحث والتطوير في إنشاء منتجات تحقق كلا الأمرين.