ثقافة وتراث مملكة البحرين يجوب العالم بهوية وطنية أصيلة

النشرة الثقافية لوكالة أنباء البحرين "بنا".. ضمن الملف الثقافي لاتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا".
المنامة في 17 مايو /وام/ إعداد: هند كرم.

عامٌ ثري بالحراك الثقافي النشط داخلياً وخارجياً جابت فيه الثقافة البحرينية وتراثها الأصيل دول العالم، للتعريف بالهوية الوطنية البحرينية وتمازجها بين ثقافات شعوب الأرض من مشارقها لمغاربها، حيث دشنت البحرين مبكراً في يونيو 2024 من مدينة أوساكا في اليابان مواسم الإبداع وإزهار الثقافة، بوضع هيئة البحرين للثقافة والآثار حجر أساس جناحها الوطني الكبير في معرض "إكسبو أوساكا 2025" الدولي بحضور الشيخ خليفة بن أحمد بن عبد الله آل خليفة رئيس الهيئة والمفوض العام لجناح المملكة في إكسبو.
معرض إكسبو - هذا الحدث الدولي الثقافي والإنساني العريق، يعد الأبرز في روزنامة البحرين للفعاليات والأنشطة الثقافية؛ إذ تحرص المملكة دوماً على المشاركة الدورية فيه بجناح مميز من حيث التصميم المعماري والمحتوى الثقافي، من أجل تقديم الثقافة والتراث والإبداع البحريني للعالم.

وانطلق المعرض في 13 أبريل الماضي ويستمر حتى 13 أكتوبر المقبل بمدينة أوساكا – كانساي في اليابان ويقام هذا العام تحت شعار "ابتكار المستقبل لتحسين حياة المجتمعات"، ويعكس جناح البحرين فيه التزامها بالتواصل الثقافي والحضاري البنّاء بين شعوب العالم، وتعزيز مكانتها كوجهة للابتكار والاستدامة على الساحة الدولية.
ويقع جناح البحرين في منطقة "تحسين الحياة" من المعرض مقابل البحر، مستحوذاً على مساحة 995 متراً مربعاً ومكوّناً من 4 طوابق بارتفاعٍ كُلي يصل إلى 13.7 متراً.

الجناح الذي نفذ تصميمه مكتب المهندسة المعمارية اللبنانية الفرنسية "لينا غوتمة" في باريس، يُلقي الضوء على التاريخ الثري للسفن التقليدية والعلاقة العميقة والخالدة للمجتمع البحريني مع البحر، مستلهماً تفاصيله من التراث البحري لمملكة البحرين ونقاط التقائه بثقافة التاريخ البحري المميز لصناعة السفن الخشبية في اليابان، ما يغزل استدعاءً تخيلياً فريداً لرحلات السفن القديمة التي كانت تجوب الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية في رحلات التجارة من وإلى شرق آسيا، كما يعزز في الأذهان تاريخ الحرف البحرينية التقليدية وتمازجها مع الحرفيّة اليابانية في استخدام الأخشاب لصناعة السفن.
وتماشياً مع رؤية وسياسة مملكة البحرين في تعزيز الاستدامة فقد تم تصميم وبناء الجناح بشكل كامل من الخشب مع هيكل خارجي من الألمنيوم كما انه سيخضع لعملية إعادة تدوير بالكامل بعد انتهاء فترة الإكسبو. ويستفيد الجناح من ميزة قربه من البحر لأجل أغراض التبريد والتهوية، إذ يتضمن تصميمه إعادة تفسير حديثة لوسائل التبريد التقليدية القديمة ويسعى إلى تقليل اعتماده على أي وسائل تبريد ميكانيكية. وفيما يتعلق بالتصميم الداخلي للجناح وقاعات العرض فقد قام بتصميمها بشكل رئيسي استوديو التصميم البحريني "شيبرد"، حيث يُقدم تجربة تفاعلية وغامرة للزوّار تلقي الضوء على غنى ثقافة البحر العريقة في البحرين ومصادرها اللوجستية والطبيعية.
وتتميز مشاركة المملكة في إكسبو أوساكا هذا العام بتخصيص مساحة ملحقة للأعمال والترويج لجذب الاستثمارات التنافسية العالمية للبحرين والتعريف بها كبيئة مثالية واستثنائية داعمة لاقتصاد المستقبل ووجهة مفضلة للاستثمار والأعمال والحياة المستدامة.
- جائزة الأسد الذهبي في بينالي البندقية
ومن أقصى الشرق إلى قلب أوروبا برز جناح بحريني عالمي آخر في مدينة البندقية بإيطاليا، حيث فاز جناح مملكة البحرين "موجة حَـرّ" بجائزة الأسد الذهبي عن فئة المشاركات الوطنية في المعرض الدولي التاسع عشر للعمارة – بينالي البندقية. وخلال تسلمه الجائزة في حفل توزيع جوائز المعرض في 10 مايو 2025، عبر الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة، رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار والمفوّض العام لجناح البحرين عن فخره واعتزازه بجائزة الأسد الذهبي في بينالي البندقية وقال: "إنه لشرف كبير أن نستلم جائزة الأسد الذهبي نيابةً عن مملكة البحرين، نحن ممتنّون لبينالي البندقية على توفيره لهذه المنصة العالمية التي تتيح لنا تبادل الأفكار والمبادرات مع دول العالم كافة".

وأضاف: "جناح البحرين (موجة حر) لا يتناول التحديات البيئية في البحرين فقط، بل تلك التي يواجهها العالم أجمع، فمن خلال هذا المفهوم أردنا أن نُسلّط الضوء على هذه القضايا بطريقة مبتكرة"، متوجّهًا بالشكر إلى فريق العمل المتميّز على إسهاماته المختلفة في تصميم وتقديم الجناح.
كما أطلقت هيئة البحرين للثقافة والآثار مع الجناح إصدارًا مطبوعًا يضم تحليلات رقمية ومقالات واستطلاعات تُسهم في توسيع أثر المشروع البحثي الذي بُني عليه الجناح في البينالي.

ومثلت مشاركة البحرين هذا العام المشاركة الثامنة، امتدادًا لمسيرة المملكة في المعرض العالمي، حيث تقدّم رؤيتها المعمارية في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، في إطار شعار الدورة الحالية "ذكي، طبيعي، صناعي، جماعي".
- بريق الذهب البحريني في موسكو
ومن البندقية إلى العاصمة الروسية موسكو حيث نظمت هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع وزارة الثقافة الروسية، فعالية "الأيام الثقافية البحرينية" التي استضافتها مدينة موسكو في نوفمبر 2024، والتي فتحت من خلالها نافذة للجمهور الروسي للاطلاع على ثقافة وتراث وفنون البحرين عبر التاريخ.

وشهدت الأيام الثقافية البحرينية في موسكو عرض فيلمين محليين هما: فيلم "البشارة" للمخرج البحريني محمد بوعلي، والفيلم الوثائقي "بشغف" للمخرج البحريني أحمد الزاكي، كما أقيم حفل للموسيقى البحرينية بمشاركة باقة من الفنانين والعازفين البحرينيين.

واختتمت الفعاليات بمعرض "من كنوز البحرين" الذي يعرض فن صياغة الذهب عبر العصور" في متحف الدولة التاريخي، واستمر لمدة ثلاثة أشهر، حيث أخذ الزوار في رحلة عبر تاريخ صياغة الذهب في البحرين، بدءاً من حقبة تايلوس قبل حوالي 2000 عام، مروراً بالحقبة الإسلامية ووصولاً إلى العصر الحديث. وقدّم المعرض فرصة الاطلاع على قطع ذهبية بحرينية فريدة تُجسد مهارة الحرفيّين البحرينيين، بالإضافة إلى أدوات تحقق الذهب ووثائق توثق جهود المملكة في الحفاظ على هذا التراث الحرفي العريق وتلقي الضوء على هذا القطاع الحيوي ودوره في رفد الاقتصاد الوطني، وجعل البحرين مركزاً مهماً في إنتاج مشغولات المعادن الثمينة واللؤلؤ الطبيعي والذهب، وتبيان دور تطوير التشريعات والأنظمة والقوانين المتعلقة برقابة وصناعة وتجارة المعادن الثمينة واللؤلؤ والأحجار الكريمة.
وبالتبادل استضافت البحرين ضمن فعاليات مهرجان ربيع الثقافة التاسع عشر وتزامناً مع مناسبة الاحتفاء بمرور 35 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين مملكة البحرين وجمهورية روسيا الاتحادية، أيام المواسم الثقافية الروسية على خشبة مسرح البحرين الوطني الذي احتضن بعروض مبهرة روائع الرقص الداغستاني التقليدي، والبرنامج الثقافي بعنوان "سحر الرسوم المتحركة"، الذي قدمته شركة استوديو SMF وتضمن عروضاً وورش عمل وندوات متنوعة على أن تقام قبل حلول نهاية العام الحالي فعاليتين ثقافيتين مميزتين، الأولى عرض باليه "كسارة البندق" العالمي الشهير في مسرح البحرين الوطني، فيما تستضيف الصالة الثقافية حفل أوركسترا أوسيبوف من الأكاديمية الوطنية للآلات الشعبية الروسية بمشاركة فرق الفنون الشعبية البحرينية.
- نشاط ثقافي محلي بمشاركة عالمية استثنائية
وبالتزامن مع احتفالات مملكة البحرين بأعيادها الوطنية وعيد الجلوس الخامس والعشرين لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، وما صاحبها من مناسبات وطنية في ديسمبر 2024، تألقت النسخة الثالثة من المهرجان الثقافي الفني المميز "ليالي المحرّق" والذي نجح على مدار شهر كامل في تحويل تلك المدينة التاريخية إلى وجهة ثقافية وسياحية عالمية جمعت ما بين التراث والحداثة، مستقطبة هذا العام مشاركة جماهيرية واسعة خاصة من زوار دول مجلس التعاون الشقيقة والسياح الأجانب والمواطنين والمقيمين، إضافة إلى مشاركة متنوعة من عشرات الفنانين البحرينيين والعالميين، الذين قدموا أكثر من 190 فعالية موسيقية بحرينية وعالمية، وأيضاً تقديم عروض ثقافية وفنية وحرف يدوية وتراثية وجولات سياحية في بيوت المحرق التراثية القديمة، ما عكس روح المحرّق وتاريخها العريق من خلال تجارب بصرية متنوعة ومميزة، الأمر الذي أسهم في تعزيز مكانة المحرّق على المستويين المحلي والإقليمي كجزء من شبكة المدن المبدعة التابعة لليونسكو منذ عام 2019.
وأقيم مهرجان "ليالي المحرّق على طول مسار اللؤلؤ المسجل على قائمة التراث الإنساني العالمي لليونيسكو، الممتد لمسافة 3.5 كيلومتر، بدءا من ساحل بو ماهر وحتى متحف اللؤلؤ، مروراً بمجلس سيادي، في تجربة متكاملة تتناسب مع مختلف الأذواق وتعبر عن مكنون الثقافة البحرينية ووصولها للعالمية من قلب الوطن.
على جانب آخر تتواصل المواسم والمهرجانات الثقافية السنوية في مملكة البحرين بمشاركات إقليمية وعالمية مميزة، لتفتح آفاقاً رحبة تحتوي المفهوم الشامل والواسع للثقافة والاستثمار السخي في الثقافة والذي تحرص على دعمه وتشجيعه، حكومة مملكة البحرين ومؤسسات المجتمع المدني بشراكة متميزة لدعم عوامل تلك القوى الناعمة المؤثرة، بين القطاع الخاص والحكومي خدمة للمسارات الوطنية المستدامة وفقاً للرؤية الاقتصادية للمملكة.