أبوظبي في 22 مايو / وام / جمعت جلسة "الحرف التقليدية الإماراتية .. هوية، واقتصاد، واستدامة" التي نظمها مجلس إرثي للحرف المعاصرة بالتعاون مع وزارة الثقافة ضمن فعاليات معرض "اصنع في الإمارات 2025" نخبة من أبرز المؤسسات والمراكز الوطنية المعنية بالحرف والتراث والثقافة في حوار إستراتيجي يهدف لتوحيد الرؤى حول مستقبل الحرف التقليدية كقوة اقتصادية وثقافية وذلك في مبادرة تعكس أهمية الحرف التقليدية في دعم وتطوير الاقتصاد.
شارك في الجلسة كلٌّ من أسماء الحمادي الوكيل المساعد لقطاع تنمية المبدعين المكلف في وزارة الثقافة، وريم بن كرم مدير عام مجلس إرثي للحرف المعاصرة، وسلامة الشامسي مديرة إدارة المواقع الثقافية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وهند المحيربي مدير إدارة مشروع الغدير للحرف الاماراتية، والمهندسة غالية المناعي رئيسة الشؤون الإستراتيجية في الاتحاد النسائي العام، وفايز سعيد اليماحي نائب المدير العام لمركز غرس للتمكين الاجتماعي.
وشكّلت الجلسة منصة إستراتيجية لمناقشة سبل التمكين المجتمعي والاقتصادي للحرفيات والحرفيين ودور الابتكار في استدامة قطاع الحرف التقليدية وتعزيز حضورها في السوق المحلي والعالمي.
وأكدت أسماء الحمادي خلال الجلسة أن الحرف التقليدية تخلق فارقاً مميزاً وقيمة لافتة إلى أي منتج معاصر حتى وإن اقتصر حضورها على لمسات بسيطة تضاف إليه لما تحمله تلك الحرف من قيمة ثقافية وجاذبية فريدة، مشيرة إلى أن وزارة الاقتصاد تعمل على حماية الملكية الفكرية للمنتجات التراثية المحلية باعتبارها خطوة أساسية لتعزيز حضورها التجاري محلياً وعالمياً عبر اطلاق مبادرة المؤشرات الجغرافية.
وكشفت عن إطلاق وزارة الثقافة سجل وطني للحرفيين يهدف إلى تمكينهم من الوصول إلى الأسواق العالمية وربطهم بمنظومة الاقتصاد الإبداعي بما يرسّخ استدامة الحرفة ويرفع من قيمتها المعنوية والمادية.
وأكدت ريم بن كرم أن مجلس "إرثي" للحرف المعاصرة برئاسة قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي يسهم في تحويل الحرف اليدوية الإماراتية إلى رافد اقتصادي وثقافي عبر إعادة تقديمها برؤية معاصرة تفتح آفاقاً واسعة للتسويق المحلي والعالمي، مشيرة إلى أن المجلس انطلق بدعم حرفية واحدة ليحتضن اليوم أكثر من 500 حرفية بفضل برامج تدريبية متخصصة وشراكات عالمية ساهمت في نقل الحرف الإماراتية إلى منصات دولية.
وأشارت إلى تبني المجلس لنهج متكامل في الاستدامة الثقافية والاقتصادية والبيئية، مشيدة بتجارب التعاون مع مؤسسات عالمية كبيرة مثل "بولغاري" و"أسبري" و"كارتيير" التي ساعدت على دمج الحرفيات في المنظومة الإبداعية العالمية وتمكينهن من تأسيس علامات تجارية محلية منافسة.
وأكدت المهندسة غالية المناعي أن مركز الصناعات التراثية والحرفية الذي تأسس عام 1978 بمبادرة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات “ رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية وبدعم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" يُعد أول مركز وطني متخصص يُعنى بتمكين الحرفيات الإماراتيات وصون التراث، ويشكّل حاضنة متكاملة تدعم الحرفيات من خلال صرف مكافآت شهرية وتدريب مهني متقدم في ستة مشاغل متخصصة تُعنى بإحياء الحرف الإماراتية الأصيلة مثل السدو والتلي والخوص والنسيج والخياطة والتطريز والفنون الحديثة.
وقالت إنه تم تطوير تطبيق "متجري" لتسويق منتجات الأسر المنتجة الفائزة بجائزة القمة الحكومية في 2015 إلى جانب جهود التوثيق المعرفي عبر كتيبات والمحتويات الرقمية وبرنامج "السنع" لنقل القيم الإماراتية للأجيال، مشيرة إلى الحضور الدولي للمركز من خلال المعارض الدولية والعلامة التجارية "بتسة"، وأضافت أن الحرفيات المنتسبات بالمركز يُلقّبن بـ"حاميات التراث" تكريماً لدورهن في صون الهوية الإماراتية ونقلها بفخر إلى المستقبل.
وأكدت هند المحيربي أن مشروع "الغدير" يركّز منذ تأسيسه عام 2006 على تمكين الحرفيات اقتصادياً من خلال إنتاج حرفي معاصر يستند إلى المنتجات التقليدية، موضحة أن المشروع لا يقتصر على التدريب وتوفير المواد الخام بل يتكفّل أيضاً بتسويق المنتجات محلياً ودولياً عبر المعارض والمتاجر لضمان دخل مستدام للمنتسبات، لافتة إلى أن التسويق يمثل التحدي الأكبر باعتباره الأداة الأهم لوصول الحرفيات إلى الجمهور المستهدف، وأشارت إلى خطط المشروع لافتتاح متاجر في عدد من المعالم السياحية البارزة في أبوظبي لتوسيع نطاق الانتشار.
وأوضح فايز سعيد اليماحي أن مركز غرس للتمكين الاجتماعي التابع لجمعية الفجيرة الخيرية يركِّز على تطوير منتجات الأسر المنتجة لتمكينها اقتصادياً من خلال بناء شراكات إستراتيجية مع مؤسسات حكومية وشركات خاصة، مشيرا إلى أن المركز يعمل على دعم الأمهات الحرفيات وتسويق منتجاتهن.
وأشاد بدور الجيل الجديد خاصة الفتيات في تسويق منتجات أمهاتهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما ساهم بشكل ملموس في رفع المبيعات، مشيرا إلى أن المركز يستعد لإطلاق منصة رقمية خاصة تعزز من حضور الحرفيات في الفضاء الرقمي وتفتح لهن آفاقاً جديدة للتوسع والتواصل مع الأسواق.
يشار إلى أن مجلس إرثي للحرف المعاصرة شارك في معرض "اصنع في الإمارات 2025" من خلال جناح متخصص في "منطقة الحرف والابتكار" قدّم فيه نماذج مختارة من أعمال الحرفيات المنتسبات إلى المجلس إلى جانب تنظيم ورش عمل حيّة، كما ضم الجناح لعبة تفاعلية تعلم كيفية النسج في حرفتي التلي والسفيفة إضافة إلى متحف افتراضي لأنواع الحرف التقليدية يضمن للمصممين والمؤرخين والمهتمين أرشيفاً رقيماً لتلك الصناعة مقدّماً تجربة رقمية متكاملة تسلّط الضوء على أصالة الحرفة الإماراتية وقيمتها الثقافية والاقتصادية.